من بين السطور
الحب عطاء وتضحيه
بقلم: ممدوح عبدالحكيم
في عصرنا الحالي، حيث يحتفل الكثيرون بما يسمى “عيد الحب”، نجد أنفسنا أمام مفارقة صارخة. فبينما تزدحم الشوارع بمظاهر الاحتفال، تكتظ المحاكم بقضايا الطلاق والخلع. هذا التناقض يدفعنا للتساؤل: هل فهمنا حقًا جوهر الحب؟
رغم أننا نعيش في زمن التقدم التكنولوجي والعلمي، زمن الإنترنت والتعليم المتقدم، إلا أن الوعي المجتمعي يبدو وكأنه تراجع مقارنة بعصر أجدادنا. في الماضي، لم تكن هناك وسائل التواصل الاجتماعي ولا الرفاهيات الحديثة، بل كانت هناك “طبلية وحصيرة” تجمع أفراد الأسرة. لم نكن نسمع عن قصص حب رومانسية بين الشباب والفتيات، بل كان الزواج يتم بترتيب من الأهل، وكان الحياء يسود العلاقة بين الزوجين.
في تلك الأيام البسيطة، كان الحب ينمو مع العشرة الطيبة والتعامل الحسن. كانت الزوجة تساعد زوجها في زراعة الأرض، وكانت الحياة بسيطة خالية من كلمة “طلاق”. أما ما نراه اليوم، فهو في كثير من الأحيان مجرد تسلية وتضييع للوقت، مستوردة من عادات وتقاليد غريبة عن مجتمعنا.
الحب الحقيقي ليس ما نراه في المسلسلات التلفزيونية. إنه ليس مجرد كلمات تُقال أو مشاعر عابرة. الحب الحقيقي هو عطاء وتضحية. إنه أن تشعر بمن تحب وتسعى لإسعاده. أن تقدم له كل ما تستطيع من خير وكلام طيب، وأن تضحي من أجله دون أن تنتظر مقابلاً.
كلمة “يا حبيبتي” ليست مجرد حروف تُكتب أو كلمات تُنطق، بل هي أفعال ملموسة يشعر بها الطرف الآخر. الحب الحقيقي هو أن تقف بجانب من تحب في أزماته، أن تكون له أنيسًا ورفيقًا، وأن تقدم له ما يخفف عنه كربه، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها مجتمعنا.
من المهم ألا نمن على من نحب بما قدمنا لهم. العطاء الحقيقي هو أن نقدم دون أن نذكّر الآخر بما فعلنا. فمن نحب سيستشعر مواقفنا ويحتفظ بذكرى ما قدمناه. وشيئًا فشيئًا، سيجد نفسه غير قادر على الحياة بدوننا، وهكذا يتحول الحب إلى عشق، والعشق إلى ترابط وتماسك لا ينفصم.
لذا، دعونا نغير مفهومنا للحب. لنجعل كل يوم عيدًا للحب، يومًا نفكر فيه كيف نسعد من نحب. لنسعَ دائمًا لأن نكون سببًا في سعادة الآخرين، سواء بهدية بسيطة، أو بخبر سار، أو بكلمة طيبة.
أما أنا، فقد قررت أن أعطي كل ما أستطيع لمن أحب، دون أن أنتظر مقابلاً أو حتى اعترافًا. فالحب الحقيقي هو عطاء وتضحية، وليس مجرد حروف تُكتب أو كلمات تُنطق.
وإلى لقاء قادم، إن شاء الله، نستكمل فيه الحديث عن هذا الموضوع الهام.